الميكروبيولوجيا الصناعية والطبية:
تشكّل الميكروبيولوجيا الصناعية والطبية مجالين حيويين ومتكاملين، حيث تستخدم الميكروبات في إنتاج العديد من المنتجات التجارية والطبية، وفي الوقت نفسه تدرس الطرق التي تسبب بها هذه الكائنات الأمراض وكيفية مقاومة الجسم لها.
الميكروبيولوجيا الصناعية: ثورة المنتجات الحيوية
تعتمد الميكروبيولوجيا الصناعية على استغلال الكائنات الدقيقة في عمليات التخمر لإنتاج منتجات ذات قيمة اقتصادية. وتُعد المخمرات (Fermenters)، وهي أوعية صناعية ضخمة، هي قلب هذه العملية، حيث يتم التحكم في درجة حرارتها، ودرجة حموضتها، ومستوى الأكسجين لضمان النمو الأمثل للكائنات الدقيقة.
منتجات التخمر الأساسية: تُستخدم الكائنات الدقيقة لإنتاج:
- خميرة الخبز: تُنتج صناعيًا بكميات كبيرة، وهي ضرورية لانتفاخ العجين في صناعة المخبوزات.
- الكحول والخل: يُنتج الإيثانول عبر تخمر السكريات باستخدام الخمائر، بينما يُنتج الخل (حمض الخليك) من أكسدة الكحول بواسطة بكتيريا حمض الخليك.
- الأحماض العضوية والفيتامينات والأحماض الأمينية: تُنتج هذه المركبات الحيوية باستخدام أنواع مختلفة من الميكروبات، وتُستخدم في صناعات الأغذية والأعلاف والأدوية.
- الإنزيمات: تُستخدم الإنزيمات الميكروبية في مجموعة واسعة من الصناعات، مثل صناعة المنظفات، والأغذية، والأدوية، لزيادة كفاءة العمليات الكيميائية.
- المضادات الحيوية: تُعد المضادات الحيوية، مثل البنسلين، من أهم إنجازات الميكروبيولوجيا، حيث تُنتج بكميات كبيرة عبر تخمر بعض أنواع الفطريات والبكتيريا.
الميكروبيولوجيا الطبية: فهم الأمراض ومقاومتها
يركز هذا المجال على دراسة الأمراض التي تسببها الكائنات الدقيقة، وكيفية حماية الجسم منها.
- مصادر التلوث والعدوى: يمكن أن تنتقل الأمراض الميكروبية إلى الإنسان عن طريق الهواء، أو المياه الملوثة، أو الغذاء، أو الاحتكاك المباشر. وتُعرف الأمراض التي تنتقل عبر الغذاء أو الماء باسم التسمم الغذائي الميكروبي (Microbial food poisoning).
- مقاومة العائل للميكروبات: يمتلك جسم الإنسان نظامًا دفاعيًا معقدًا يُعرف باسم الجهاز المناعي (Immune system)، الذي يعمل على مقاومة الميكروبات الغازية.
- المناعة غير المتخصصة: تُعتبر خط الدفاع الأول للجسم، وتتكون من حواجز طبيعية مثل الجلد، والمخاط، بالإضافة إلى خلايا مناعية تهاجم أي جسم غريب.
- المناعة المتخصصة: هي استجابة موجهة ضد ميكروب معين. يتم تفعيل هذه المناعة عندما يفشل خط الدفاع الأول، وتؤدي إلى إنتاج أجسام مضادة وخلايا ذاكرة، مما يمنح الجسم حصانة طويلة الأمد ضد نفس الميكروب.
- اللقاحات والأمصال: تُستخدم اللقاحات لتنشيط المناعة المتخصصة بشكل استباقي، حيث تحتوي على أجزاء من الميكروب أو نسخة ضعيفة منه، مما يحفز الجسم على إنتاج الأجسام المضادة دون التسبب في المرض. بينما تُستخدم الأمصال لتوفير حماية فورية ولكنها قصيرة الأجل عن طريق حقن أجسام مضادة جاهزة.
- المناعة الذاتية (Autoimmunity): هي حالة يهاجم فيها الجهاز المناعي أنسجة الجسم نفسها عن طريق الخطأ، مما يؤدي إلى أمراض مزمنة.
الجانب العملي: التطبيقات والاختبارات
تُعد الممارسات العملية جزءًا أساسيًا من فهم كلا المجالين، وتشمل:
- تنمية الميكروبات: تُزرع الميكروبات في ظروف هوائية أو لا هوائية باستخدام أوساط غذائية مختلفة لدراسة خصائصها.
- الإنتاج المعملي: تُنفذ عمليات إنتاج صغيرة للمنتجات الميكروبية (الكحول، الأحماض، الإنزيمات، المضادات الحيوية) في المختبر لفهم العمليات الصناعية بشكل أفضل.
- التقديرات الكمية: تُستخدم تقنيات مختلفة لتقدير أعداد الميكروبات في عينات المياه أو الغذاء لتقييم جودتها وسلامتها.
- اختبارات المضادات الحيوية: تُستخدم اختبارات حساسية المضادات الحيوية (مثل اختبار أقراص المضادات الحيوية) لتحديد مدى فعالية المضاد الحيوي في تثبيط نمو نوع معين من البكتيريا.
- الاختبارات السيريولوجية: تُستخدم هذه الاختبارات للكشف عن الأجسام المضادة في الدم، مما يساعد في تشخيص الأمراض المعدية أو تقييم حالة المناعة.