الإرغوتامين (Ergotamine):
الإرغوتامين هو شبه قلوي مشتق من فطر الإرغوت (Ergot Fungus)، وينتمي إلى فئة الإرغولين الببتيدية. يُستخدم بشكل أساسي في التدخل العلاجي أثناء نوبات الصداع الحادة.
1. آلية العمل:
تعتبر آلية عمل الإرغوتامين معقدة، وتعتمد على تأثيره على عدة أنواع من المستقبلات العصبية، أهمها:
تضييق الأوعية الدموية (Vasoconstriction): الآلية الرئيسية لعمله هي تضييق الأوعية الدموية داخل وحول الدماغ، والتي يُعتقد أنها تتوسع بشكل غير طبيعي أثناء نوبة الصداع النصفي أو العنقودي، مما يسبب الألم.
- يعمل كناهض (Agonist) على مستقبلات السيروتونين (5-HT1B و 5-HT1D) الموجودة على جدران الأوعية الدموية، مما يؤدي إلى انقباضها.
- كما ينشط مستقبلات ألفا-1 الأدرينالية (Alpha-1 Adrenergic Receptors)، مما يعزز تضييق الأوعية لفترة أطول.
- التأثير على المسارات العصبية: يُعتقد أيضاً أنه يثبط انتقال الألم في المسارات العصبية، مما يساهم في تخفيف الصداع.
غالباً ما يتم دمج الإرغوتامين مع الكافيين، حيث يعمل الكافيين على زيادة امتصاص الإرغوتامين من الجهاز الهضمي، وقد يساهم أيضاً في تضييق الأوعية الدموية الدماغية، مما يعزز فعالية الدواء.
2. الاستخدامات الطبية:
يُستخدم الإرغوتامين كعلاج قاطع (Abortive Treatment)، أي أنه يُؤخذ عند الشعور بأولى علامات بدء النوبة، وليس للوقاية اليومية.
- الصداع النصفي الحاد (الشقيقة): لعلاج نوبات الصداع النصفي سواء كان مصحوباً بهالة أو بدونها.
- الصداع العنقودي (Cluster Headaches): يمكن استخدامه لعلاج النوبات الحادة أو كعلاج وقائي قصير المدى خلال الفترات العنقودية النشطة.
تنبيه: الإرغوتامين غير فعال لعلاج الصداع الناتج عن تقلص العضلات (Tension Headaches)، ولا يُستخدم للوقاية اليومية من الصداع النصفي.
3. الجرعة وطريقة الإعطاء:
يتوفر الإرغوتامين عادة على شكل أقراص تحت اللسان أو أقراص فموية أو تحاميل، ويجب الالتزام بالجرعات القصوى لتجنب التسمم بالإرغوت.
- الجرعة الأولية: تُؤخذ الجرعة عند أول إشارة لنوبة الصداع.
- تكرار الجرعة: يمكن تكرار الجرعة بفواصل زمنية محددة (عادة كل نصف ساعة)، مع عدم تجاوز الجرعة القصوى المحددة من قبل الطبيب.
الحدود القصوى (قد تختلف حسب التركيبة):
- الحد الأقصى اليومي: عادة لا يتجاوز 6 ملغ.
- الحد الأقصى الأسبوعي: عادة لا يتجاوز 10 ملغ.
4. الآثار الجانبية والمخاطر:
الإرغوتامين دواء ذو تأثيرات وعائية قوية، مما يجعل له آثاراً جانبية محتملة تتطلب حذراً شديداً:
الآثار الجانبية الشائعة:
- الغثيان والقيء (بسبب تأثيره على مستقبلات الدوبامين في الجهاز العصبي المركزي).
- آلام وتقلصات في العضلات والأطراف السفلية.
- خدران ووخز في الأصابع (مذل).
الآثار الجانبية الخطيرة ومخاطر الاستخدام المفرط:
التسمم بالإرغوت (Ergotism): وهي حالة نادرة وخطيرة تحدث نتيجة الجرعة الزائدة أو الاستخدام المزمن، وتتميز بـ:
- تضيق وعائي شديد يؤدي إلى نقص تدفق الدم (الإقفار) إلى الأطراف (اليدين والقدمين).
- ألم شديد في الأطراف، وقد يؤدي في الحالات القصوى إلى الغرغرينا (موت الأنسجة).
- زيادة في ضغط الدم.
- صداع الارتداد (Rebound Headache) أو الصداع الناتج عن فرط استخدام الدواء: يحدث إذا تم استخدام الدواء بشكل متكرر أو يومي.
- مشاكل في الدورة الدموية: بسبب تضييق الأوعية القوي، قد يقلل الإرغوتامين من تدفق الدم إلى القلب أو الدماغ.
- تليف (Fibrosis): قد يسبب الإفراط في الاستخدام تليفاً نادراً حول الرئتين، أو التجويف خلف الصفاق (Retroperitoneal Fibrosis).
5. موانع الاستخدام والتفاعلات الدوائية:
يُمنع استخدام الإرغوتامين بشكل مطلق في الحالات التالية:
- الحمل (فئة X): لأنه قد يسبب انقباضات رحمية، وبالتالي الإجهاض أو الولادة المبكرة.
- أمراض الأوعية الدموية: مثل مرض الشريان التاجي، الذبحة الصدرية، ارتفاع ضغط الدم غير المسيطر عليه، أو اعتلال الأوعية الدموية المحيطية.
- ضعف وظائف الكبد أو الكلى: لأنه يتم استقلابه (أيضه) بشكل رئيسي في الكبد.
- العدوى الشديدة (Sepsis).
التفاعلات الدوائية الخطيرة:
يجب تجنب استخدام الإرغوتامين مع الأدوية التي تثبط إنزيم CYP3A4 في الكبد (مثل بعض المضادات الحيوية ومضادات الفطريات ومثبطات البروتياز)، لأن هذا يزيد من تركيز الإرغوتامين في الدم بشكل كبير، مما يرفع خطر التسمم بالإرغوت. كما يُمنع استخدامه مع أدوية الصداع النصفي الأخرى مثل التريبتانات (Triptans) بسبب خطر التضيق الوعائي المزدوج (Vasospasm).