معايير التسمية العلمية للبكتيريا: نظام التصنيف المزدوج وقواعده
تخضع عملية التسمية العلمية للبكتيريا لنظام دولي موحد يُعرف باسم التسمية الثنائية (Binomial Nomenclature). هذا النظام هو جزء أساسي من علم التصنيف (Taxonomy)، ويهدف إلى ضمان اسم فريد ودقيق لكل نوع بكتيري عالميًا، وتُنظم قواعده من قبل "المدونة الدولية لتسمية البكتيريا" (ICNP).
المبدأ الأساسي: الاسم المزدوج (الثنائي)
يتكون الاسم العلمي للبكتيريا من جزأين رئيسيين، وكلاهما يجب أن يعامل معاملة لغوية لاتينية، حتى لو لم يكن أصله لاتينياً أو يونانياً، وذلك لضمان التوحيد:
- الكلمة الأولى: تشير إلى الجنس (Genus).
- الكلمة الثانية: تشير إلى الصفة النوعية (Species Epithet).
عند كتابة الاسم، يجب أن يُكتب بالخط المائل (Italicized) أو أن يتم تسطيره (Underlined).
1. قواعد تسمية الجنس (Genus):
الجنس هو المستوى التصنيفي الأوسع الذي يضم مجموعة من الأنواع المتقاربة.
كتابة وتكوين اسم الجنس:
- يجب أن يُكتب الحرف الأول من اسم الجنس كبيراً (Capitalized) دائماً.
- اسم الجنس يجب أن يكون مفرداً (Singular).
- يمكن أن يُشتق اسم الجنس من مصادر مختلفة مثل شكل البكتيريا (Streptococcus لسلاسل المكورات)، أو وظيفتها (Nitrobacter المؤكسدة للنيتريت)، أو من أسماء العلماء تخليداً لذكراهم (Pasteurella).
الجنس النحوي:
لكل اسم جنس جنس نحوي (مذكر، مؤنث، أو محايد) في اللغة اللاتينية، وهذا الجنس يؤثر بشكل مباشر على نهاية الصفة النوعية التي تليه، حيث يجب أن تتطابق معه نحويًا. فمثلاً، Lactobacillus اسم مذكر، بينما Sarcina اسم مؤنث.
2. قواعد تسمية النوع (Species Epithet):
الصفة النوعية هي الكلمة الثانية في الاسم الثنائي وتحدد النوع المحدد داخل الجنس.
كتابة الصفة النوعية:
- يجب أن يُكتب الحرف الأول من الصفة النوعية صغيراً (Lowercase) دائماً.
- الصفة النوعية لا يمكن أن تُستخدم بمفردها، بل يجب أن تقترن باسم الجنس لتحديد الكائن.
أشكال الصياغة النحوية للصفة النوعية:
تأتي الكلمة الثانية في الاسم العلمي بأشكال نحوية مختلفة، وكلها تصف أو تميز البكتيريا:
- صفة وصفية: وهي الأكثر شيوعاً، حيث تصف خاصية مثل اللون أو الموقع، ويجب أن تتطابق مع الجنس النحوي لاسم الجنس. مثال: في Staphylococcus aureus، كلمة aureus (ذهبي) هي صفة تصف لون المستعمرات.
- اسم في حالة التملك: يُستخدم للإشارة إلى مصدر عزل البكتيريا أو موطنها، مثل Escherichia coli (التي تعزل من القولون).
- فعل مضارع: يصف سلوكًا أو عملية حيوية تقوم بها البكتيريا.
- اسم توضيحي: يوضح طبيعة مرض تسببه البكتيريا أو خاصية مميزة لها.
3. إلحاق اسم المؤلف وتغييرات التصنيف:
بعد الاسم الثنائي، يمكن إضافة ما يشير إلى مؤلف الاسم العلمي، وهو العالم الذي نشر الاسم ووصفه رسميًا لأول مرة.
إلحاق اسم المؤلف:
يُضاف اسم المؤلف (أو اختصاره) بعد اسم النوع. هذا الاسم لا يشير بالضرورة إلى مكتشف البكتيريا، بل إلى مُطلق الاسم. مثال: Bacillus subtilis Cohn.
الإشارة إلى تغيير الجنس (الأقواس):
عندما يقرر علماء التصنيف نقل نوع (Species) من جنس (Genus) إلى جنس آخر جديد، يتم استخدام الأقواس للإشارة إلى المؤلف الأصلي:
- إذا كان اسم المؤلف محاطاً بـ قوسين (مثل: (Rosenbach))، فهذا يعني أن هذا المؤلف هو من أطلق اسم النوع aureus ولكنه وضعه تحت جنس سابق تم تغييره لاحقاً.
- يتبع ذلك اسم المؤلفين الجدد (مثل: Winslow & Rogers) الذين قاما بنقل النوع إلى جنسه الحالي Staphylococcus.
4. مستويات التصنيف الفرعية (الأصناف والسلالات):
عندما تتواجد اختلافات بسيطة وثابتة بين مجموعة من البكتيريا ضمن النوع الواحد، لا تكفي لتصنيفها كنوع مستقل، يتم استخدام مستويات فرعية:
- الصنف (Variety): يُشار إليه بـ "Var."، ويُضاف كجزء ثالث من الاسم للإشارة إلى اختلاف واضح. مثال: Streptococcus lactis Var. maltigenes، حيث تشير إلى سلالة تنتج نكهة الشعير.
- السلالة (Strain): وهي مجموعة من الخلايا المتحدرة من خلية واحدة معزولة. لا تُعتبر السلالات جزءًا رسميًا من الاسم العلمي الثنائي، بل يتم الإشارة إليها برموز أو أرقام مختبرية لتتبعها (مثل E. coli K-12).
يضمن هذا التسلسل الهرمي الدقيق (المملكة، الشعبة، الطائفة، الرتبة، العائلة، الجنس، النوع) أن تكون التسمية العلمية للبكتيريا موحدة وذات مغزى، مما يسهل الدراسة والبحث والتواصل العلمي عبر أنحاء العالم.
