السلاح البيولوجي: التعريف، المكونات، والتهديدات المعززة
يُعد السلاح البيولوجي (Biological Weapon)، أو ما يُعرف باسم "سلاح الجراثيم"، نوعًا فريدًا وخطيرًا من الأسلحة غير التقليدية التي تستغل الكائنات الحية الدقيقة أو نواتجها السامة لإلحاق الضرر بالبشر أو الحيوانات أو النباتات، بهدف تحقيق مكاسب عسكرية أو سياسية.
1. التعريف الشامل والمكونات الأساسية:
السلاح البيولوجي هو عملية إنتاج، تخزين، وتوزيع متعمد لمواد بيولوجية فتاكة. يُطلق على هذه المواد اسم "عوامل الحرب البيولوجية"، وتتكون بشكل أساسي من:
- الكائنات المُسببة للأمراض (Pathogens): وهي تشمل البكتيريا، والفيروسات، والفطريات. تُزرع هذه الكائنات بكميات كبيرة في المختبرات وتُعدل لزيادة فعاليتها. على سبيل المثال، يمكن استخدام بكتيريا الجمرة الخبيثة (Bacillus anthracis) التي تُنتج أبواغًا مقاومة قادرة على البقاء في البيئة لفترات طويلة، أو فيروسات شديدة العدوى تُسبب حمى نزفية.
- السموم (Toxins): هي مواد كيميائية سامة بيولوجية تنتجها الكائنات الحية. لا تُعتبر هذه السموم كائنات حية، لكنها تُعد من أخطر عوامل الحرب البيولوجية لشدة فتكها وسرعة تأثيرها. من أبرز الأمثلة هو سم البوتيولينوم، الذي يُنتج من بكتيريا كلوستريديوم بوتيولينوم ويُعد أقوى سم بيولوجي معروف، إذ يمكن لكمية ضئيلة منه أن تسبب شللاً تنفسيًا وموتًا.
2. آليات التأثير ونطاق الاستهداف:
الهدف من السلاح البيولوجي هو إحداث اضطراب واسع النطاق من خلال استهداف ثلاثة مستويات حيوية:
- الإنسان: إحداث تفشٍ سريع للأمراض الوبائية (مثل الكوليرا أو التيفود)، مما يؤدي إلى زيادة معدلات الوفيات والإصابات، وإجهاد الأنظمة الصحية، ونشر الذعر والفوضى بين السكان.
- الحيوان: استهداف الثروة الحيوانية والماشية (مثل مرض الحمى القلاعية) بهدف تدمير الإمدادات الغذائية والاقتصاد الزراعي للدولة المستهدفة.
- النبات: استخدام عوامل بيولوجية تستهدف المحاصيل الزراعية الرئيسية (مثل فطر صدأ القمح)، مما يسبب المجاعة والأزمة الاقتصادية.
تُعد أمراض مثل الجمرة الخبيثة، والتيفود، والكوليرا من العوامل البيولوجية التاريخية التي تم دراستها لخصائصها الوبائية القابلة للانتشار والتسبب في أضرار جسيمة.
3. التهديد المُعزَّز: دور الهندسة الوراثية
يزداد الخطر البيولوجي بشكل كبير مع تطور الهندسة الوراثية والتكنولوجيا الحيوية. تسمح هذه التقنيات الحديثة بالتلاعب الجيني بالكائنات الدقيقة بطرق تزيد من فعاليتها وقدرتها التدميرية:
- زيادة الفوعة ومقاومة العلاج: يمكن للعلماء التلاعب بالجينات لزيادة فوعة (Virulence) الكائن الممرض، مما يجعله أكثر شراسة وقدرة على التسبب في المرض. والأهم من ذلك، يمكن تعديل الكائن ليصبح مقاومًا لمجموعة واسعة من المضادات الحيوية أو اللقاحات المعروفة، مما يجعل الاستجابة الطبية التقليدية غير فعالة ويؤدي إلى انهيار جهود العلاج.
- تغيير الخواص البيئية: يتم تعديل الكائن الحي ليصبح أكثر استقرارًا في البيئة أو لتغيير مسار انتقاله، مما يسهل نشره. على سبيل المثال، قد يتم تعديل عامل ليتمكن من البقاء حيًا في الماء أو الهواء لفترة أطول بعد إطلاقه.
- إنشاء عوامل هجينة: يمكن دمج أجزاء وراثية من كائنات مختلفة لإنشاء سلالات جديدة غير معروفة، تجمع بين صفات فتاكة (مثل سمية عالية) وقدرات انتشار سريعة، مما يجعل اكتشافها وتطوير مضادات لها تحديًا كبيرًا.
هذا التطور التكنولوجي يرفع السلاح البيولوجي من مجرد استخدام لأمراض طبيعية إلى أداة تُستخدم فيها كائنات "مصممة" خصيصًا لتجاوز الدفاعات الطبية والبيولوجية.
