التخشب: ظاهرة العجز عن الحركة الإرادية والمرونة الشمعية؛ تحليل شامل لأعراضه ومكانته كعرض مرضي في اضطراب الفصام الجامودي

التخشب (Catalepsy): حالة العجز عن الحركة الإرادية

التخشب هو حالة مرضية عصبية-نفسية تتسم بفقدان مؤقت للقدرة على الحركة الإرادية مصحوبًا بظاهرة تُعرف باسم المرونة الشمعية (Waxy Flexibility). على الرغم من أن الشخص المتخشب ليس مشلولًا من الناحية العصبية، إلا أنه يفتقر بشكل أساسي إلى الدافع أو الإرادة اللازمة لبدء الحركة أو تغيير وضعية الجسم.


الأعراض والمظاهر السريرية الرئيسية:

تتجلى حالة التخشب بعدة مظاهر فريدة تُساعد في تشخيصها، وأبرزها:

1. فقدان الحركة الإرادية (Immobility):

يفقد المريض القدرة على الاستجابة للمحفزات الخارجية أو تنفيذ الأوامر الحركية بشكل إرادي. يبدو وكأنه في حالة سبات أو تجمُّد، على الرغم من أنه قد يكون واعيًا بما يدور حوله في بعض الحالات.

2. المرونة الشمعية (Waxy Flexibility):

هذه هي العلامة الأكثر تميزًا للتخشب. إذا قام شخص آخر بتحريك أطراف المريض (يديه أو ساقيه) إلى وضعية معينة، فإن المريض يحافظ على هذا الوضع غير العادي أو الغريب لفترة طويلة، قد تمتد لعدة دقائق أو حتى ساعات، ضد قوة الجاذبية. يُطلق عليها "شمعية" لأن مقاومة المريض للحركة تكون خفيفة ومطاطية، تشبه مقاومة الشمع عند تشكيله.

3. تصلب العضلات (Muscular Rigidity):

تكون العضلات غالبًا متصلبة أو متوترة، وقد تتأثر أيضًا عضلات الوجه، مما يمنع تعابيره ويجعله يبدو خاليًا من المشاعر أو التعبير (Facies).


الأسباب الرئيسية المرتبطة بالتخشب:

التخشب ليس مرضًا بحد ذاته، بل هو عرض يُصاحب مجموعة واسعة من الحالات الطبية والنفسية. تشمل الأسباب الرئيسية التي تؤدي إلى ظهوره ما يلي:

  • الفصام (Schizophrenia): يعد التخشب أحد الأعراض الكلاسيكية التي تظهر في النوع الجامودي (Catatonic) من الفصام. في هذه الحالات الحادة، قد يتناوب المريض بين فترات من التخشب التام وفترات من النشاط الحركي المفرط والعدواني.
  • الذهانات التسممية (Toxic Psychoses): يمكن أن ينتج التخشب كأثر جانبي أو عرض في حالات التسمم الشديد ببعض المواد الكيميائية أو العقاقير التي تؤثر على الجهاز العصبي المركزي.
  • التهاب المخ (Encephalitis): بعض الالتهابات التي تصيب الدماغ، خاصةً تلك التي تؤثر على هياكل الدماغ المسؤولة عن الحركة والتنظيم (مثل العقد القاعدية)، يمكن أن تؤدي إلى أعراض تخشبية.
  • الحالات الردية أو الإرجاعية (Regressive States): في علم النفس، قد يُشير ظهور التخشب إلى بعض حالات التراجع الحاد في التطور النفسي أو الوظيفي للشخص، وغالبًا ما ترتبط بالذهان الحاد.
  • التنويم المغناطيسي (Hypnosis): يمكن تحريض حالة مشابهة للتخشب بشكل مصطنع لدى بعض الأفراد الذين يتلقون إشارات مناسبة من المنوِّم، حيث يحافظون على وضعيات غير طبيعية بناءً على الإيحاء.

التمييز بين التخشب والنوبات الحركية:

من المهم التمييز بين التخشب وبعض الحالات الأخرى التي تسبب نقصًا مؤقتًا في الحركة، وأبرزها النوبة (Seizure) أو الخدر الحركي (Akinesia):

  • التخشب: هو افتقار إلى الإرادة أو الدافع للحركة، مع وجود ظاهرة المرونة الشمعية والقدرة على الحفاظ على الوضعيات المكتسبة. يرتبط غالبًا بالاضطرابات النفسية الكبرى.
  • النوبة (Tonic Immobility): هي توقف مؤقت ومفاجئ لحركة العضلات (شلل مؤقت) قد يكون ناتجًا عن إجهاد أو صدمة عصبية، ولكنه لا يتضمن المرونة الشمعية.
  • الشلل: هو عجز ناتج عن تلف عضوي في المسارات العصبية الحركية (مثل إصابة في النخاع الشوكي).

في الختام، يُعد التخشب علامة سريرية ذات دلالة قوية، وغالبًا ما تشير إلى حاجة المريض إلى تقييم نفسي وعصبي عاجل وشامل.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال