جريزيوفولفين: مضاد الفطريات الجهازي مثبط الانقسام الخلوي وآلية ارتباطه ببروتين التوبيولين في علاج السعفة الجلدية

الجريزيوفولفين (Griseofulvin): مضاد الفطريات الجهازي ومثبط الانقسام

يُعد الجريزيوفولفين دواءً مضاداً للفطريات فعالاً ومؤسساً، يُستخدم خصيصاً في علاج العدوى الفطرية الجلدية الشديدة أو الواسعة النطاق التي تسببها فطور الفطور الجلدية (Dermatophytes) والتي لا تستجيب للعلاجات الموضعية.


أولا: دواعي الاستعمال السريرية الرئيسية

يستهدف الجريزيوفولفين أنواع عدوى "السعفة" (Tinea Infections) التالية:

  • سعفة الرأس (Tinea Capitis): عدوى فروة الرأس، وهي الاستخدام الأكثر شيوعاً والأهم للجريزيوفولفين، خاصةً لدى الأطفال.
  • سعفة الجسد (Tinea Corporis): القوباء الحلقية واسعة النطاق.
  • سعفة القدم (Tinea Pedis): المعروفة بـ "قدم الرياضي"، إذا كانت شديدة ومزمنة.
  • سعفة الأظافر (Tinea Unguium / Onychomycosis): عدوى الأظافر، على الرغم من أن الأدوية الأحدث مثل التيربينافين قد تكون أكثر شيوعاً الآن.
  • سعفة اللحية والفخذ (Tinea Barbae & Tinea Cruris).


ثانيا: آلية العمل التفصيلية (Pharmacodynamics)

الجريزيوفولفين هو عامل مثبط لنمو الفطريات (Fungistatic)، أي أنه يوقف نمو الفطريات بدلاً من قتلها مباشرة.

  • الامتصاص والترسيب: بعد الامتصاص، يتوزع الجريزيوفولفين ويرتبط بشكل انتقائي ببروتين الكيراتين (Keratin) في الخلايا السليفة للجلد والشعر والأظافر.
  • حماية الأنسجة الجديدة: يعمل هذا الارتباط على جعل الكيراتين الجديد الذي يتكون مقاومًا لغزو الفطريات. عندما تستمر العدوى الفطرية في الأنسجة القديمة المصابة، فإن الأنسجة الجديدة النامية تكون محمية.
  • تثبيط الانقسام: يتركز التأثير الحيوي الرئيسي للدواء في داخل الخلية الفطرية حيث:
  1. يرتبط ببروتين التوبيولين (Tubulin) المكون الرئيسي للأنابيب الدقيقة.
  2. هذا الارتباط يثبط تكوين الأنابيب الدقيقة (Microtubules).
  3. تعمل الأنابيب الدقيقة على تكوين المغزل الانقسامي (Mitotic Spindle) الذي يوجه انفصال الكروموسومات.
  4. بتثبيط المغزل، يتعطل انقسام الخلية الفطرية (Mitosis) في مرحلة الطور الاستوائي (Metaphase)، مما يوقف التكاثر الفطري.

ثالثا: الحركية الدوائية (Pharmacokinetics)

  • الامتصاص:

  1. امتصاص الجريزيوفولفين غير منتظم وضعيف في العادة.
  2. نصيحة ذهبية: يجب تناوله مع وجبة غنية بالدهون لزيادة امتصاصه بشكل كبير (من 50% إلى 100%).

  • الأشكال الصيدلانية: تتوفر صياغتان رئيسيتان:

  1. البلورات الدقيقة (Microsize): الشكل القياسي.
  2. البلورات متناهية الصغر (Ultramicrosize): ذات جسيمات أصغر، مما يزيد من معدل ودرجة امتصاصها، وتسمح بجرعات يومية أقل (عادةً نصف جرعة البلورات الدقيقة).

  • الإطراح: يتم استقلابه في الكبد إلى نواتج أيض غير نشطة، ثم يُطرح بشكل رئيسي عن طريق البول.

رابعا: التفاعلات الدوائية الرئيسية (Drug Interactions)

يجب الانتباه جيدًا إلى التفاعلات الدوائية للجريزيوفولفين، حيث يمكن أن يؤثر على فعالية أدوية أخرى بشكل خطير. يعود السبب الرئيسي لهذه التفاعلات إلى أن الجريزيوفولفين يعمل كـ محفز قوي لإنزيمات الكبد (CYP450).

1. موانع الحمل الفموية:

  • الآلية: يعمل الجريزيوفولفين على تحفيز إنزيمات الكبد التي تقوم باستقلاب (تكسير) الهرمونات الموجودة في موانع الحمل الفموية.
  • النتيجة السريرية: يسرّع هذا التحفيز من عملية استقلاب موانع الحمل، مما يقلل من تركيزها وفعاليتها في الجسم بشكل كبير. وهذا يمكن أن يؤدي إلى فشل في منع الحمل أثناء تناول الجريزيوفولفين.

2. الوارفارين (مضاد تخثر):

  • الآلية: كونه محفزًا لإنزيمات الكبد (CYP450)، يسرّع الجريزيوفولفين من عملية استقلاب الوارفارين في الكبد.
  • النتيجة السريرية: يؤدي هذا إلى تقليل مستويات الوارفارين في الدم، مما يقلل من تأثيره المضاد للتخثر ويزيد بالتالي من خطر تكوّن الجلطات. يتطلب هذا التفاعل مراقبة دقيقة لنسبة التخثر (INR) وتعديل جرعة الوارفارين.

3. الكحول (المشروبات الكحولية):

  • الآلية: غير مفهومة بشكل كامل، ولكن يُعتقد أنها تتعلق بتأثيره على عملية استقلاب الكحول.
  • النتيجة السريرية: يزيد الجريزيوفولفين من تأثيرات الكحول وقد يسبب تفاعلاً شبيهًا بـ "ديسولفيرام" (Disulfiram-like Reaction)، والتي تشمل أعراضًا مزعجة مثل الاحمرار المفاجئ في الوجه، والغثيان، والقيء، وتسارع نبضات القلب. لذا، يجب تجنب تناول الكحول تمامًا أثناء العلاج.

خامسا: اعتبارات خاصة وتحذيرات

  • مدة العلاج: يتطلب الجريزيوفولفين مدة علاج طويلة لضمان القضاء التام على الفطريات وحماية الأنسجة الجديدة:

  1. سعفة الرأس: 6-8 أسابيع.
  2. سعفة الجسد: 2-4 أسابيع.
  3. سعفة الأظافر: قد تصل إلى 4-6 أشهر للأظافر و 9-12 شهرًا لأظافر القدمين.
  • الفشل الكبدي والكلوي: يمنع أو يستخدم بحذر شديد في مرضى القصور الكبدي أو الكلوي الشديد.
  • الحمل والرضاعة: يُعتبر مضاد استطباب مطلق (Contraindicated) أثناء الحمل بسبب خصائصه الماسخة (Teratogenic).
  • الحساسية للضوء (Photosensitivity): يجب نصح المرضى بتجنب أشعة الشمس المباشرة واستخدام واقي شمسي عالي الحماية.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال