ثاني أكسيد الكربون (CO2) كعامل محدد لسرعة التمثيل الضوئي: دراسة العلاقة المتشابكة بين التركيز الجوي، الرطوبة، ومعدلات البناء الضوئي في النباتات

دور ثاني أكسيد الكربون كمحدد لسرعة التمثيل الضوئي:

تُعدّ عملية التمثيل الضوئي (البناء الضوئي) عملية حيوية بالغة الأهمية للنباتات، حيث تحوّل الطاقة الضوئية إلى طاقة كيميائية (سكريات) باستخدام الماء وثاني أكسيد الكربون (CO2). ولفهم كفاءة هذه العملية، يجب النظر إلى العوامل المحددة التي تتحكم في سرعتها.


ثاني أكسيد الكربون: العامل المحدِّد الأساسي

عندما تتوفر ظروف مثالية من حيث درجة الحرارة والكثافة الضوئية (شدة الضوء)، يصبح تركيز ثاني أكسيد الكربون () في الهواء هو العامل الذي يحدد سرعة عملية التمثيل الضوئي. هذا يعني أن الزيادة في تركيز CO2 ستؤدي إلى زيادة في معدل البناء الضوئي، حتى يصل إلى نقطة معينة.

  • العامل المحدد: هو المورد أو الظرف الأقرب إلى الحد الأدنى لمتطلبات العملية الحيوية، وأي زيادة فيه تؤدي إلى زيادة في معدل العملية.

التأثير المتبادل بين الرطوبة وتركيز ثاني أكسيد الكربون:

يتأثر مستوى ثاني أكسيد الكربون المتاح للنباتات بشكل غير مباشر بـمستوى الرطوبة الجوية.

  • ارتفاع الرطوبة: عندما ترتفع الرطوبة في الجو (كما في الأيام الضبابية)، تقلل النباتات من فقدان الماء عن طريق فتح الثغور (مسامات صغيرة على سطح الورقة) بشكل أقل حذرًا أو أكثر اتساعًا.

تفسير: تفتح الثغور للسماح بدخول CO2 وخروج بخار الماء. في الجو الرطب، يقل الفرق في تركيز بخار الماء بين داخل وخارج الورقة، مما يقلل من ضغط تبخر الماء (النتح).
  • زيادة تركيز : يسمح هذا الفتح النسبي للثغور بزيادة معدل دخول ثاني أكسيد الكربون إلى أنسجة الورقة.
  • زيادة معدل البناء الضوئي: ونتيجة لذلك، غالبًا ما يُلاحظ ازدياد معدل التمثيل الضوئي في الأيام الضبابية أو ذات الرطوبة العالية مقارنة بالأيام الجافة، شريطة ألا تكون عوامل أخرى (كالحرارة أو الضوء) هي العامل المحدد في تلك الحالة.

استجابة النباتات لزيادة تركيز ثاني أكسيد الكربون:

أظهرت الدراسات أن النباتات تستجيب للزيادة في تركيز ثاني أكسيد الكربون بزيادة مستمرة في سرعة عملية التمثيل الضوئي، ولكن ضمن حدود زمنية وتركيزية معينة:

  • الاستجابة الإيجابية: لوحظ أن معدل البناء الضوئي يستمر في الزيادة والارتفاع مع ارتفاع تركيز CO2 في الهواء المحيط.
  • الحد الأمثل المؤقت: يستمر هذا التسارع في معدل البناء الضوئي حتى يصل تركيز CO2 إلى حوالي 0.5% (مقارنة بمتوسط 0.04% تقريبًا في الغلاف الجوي حاليًا).

ملحوظة: هذا التركيز أعلى بكثير من التركيز الطبيعي في الغلاف الجوي، ما يشير إلى أن النباتات لديها القدرة على استغلال تركيزات أعلى بكثير إذا توفرت.
  • الضرر طويل الأمد: على الرغم من الفائدة الأولية، فإن الاستمرار في تعريض النباتات لتركيزات عالية جدًا من CO2، مثل النطاق الذي يوفر الاستجابة القصوى (حتى 0.5%)، ولفترات طويلة نسبيًا (مثلاً 10 إلى 15 يومًا)، قد يؤدي إلى ظهور بعض الأضرار على النباتات.

تفسير محتمل: قد يعود ذلك إلى تأثيرات فسيولوجية سلبية مثل "تنظيم الانخفاض" (down-regulation) في إنزيمات التمثيل الضوئي، أو تراكم النشا الذي يعيق وظائف الأوراق، أو إجهاد الثغور، مما يقلل من كفاءة عملية التمثيل الضوئي على المدى الطويل على الرغم من وفرة CO2.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال