طور ما بعد الشبق (Metestrus)؟
طور ما بعد الشبق هو المرحلة التي تلي مباشرةً طور الشبق (Estrus) أو "الحرارة"، ويمثل بداية المرحلة اللوتينية (Luteal Phase) من الدورة التناسلية. يُعد هذا الطور حاسمًا لتهيئة الرحم لاستقبال البويضة المُخصبة والمحافظة على الحمل المبكر.
التطورات الهرمونية والفيزيولوجية:
1. اكتمال تشكل الجسم الأصفر:
تتميز هذه المرحلة بـ اكتمال تشكل الجسم الأصفر (Corpus Luteum). يحدث هذا التطور تحت التأثير المباشر لـ هرمون اللوتين (LH - Luteinizing Hormone)، الذي يلعب دورًا رئيسيًا في تحويل بقايا حويصلة جراف التي تمزقت بعد الإباضة إلى نسيج الجسم الأصفر.
2. إفراز هرمون البروجسترون:
بمجرد اكتمال تشكله، يبدأ النسيج اللوتئيني (Luteal Tissue) في الجسم الأصفر بإفراز كميات متزايدة من هرمون البروجسترون (Progesterone)، الذي يُلقب بـ "هرمون الحمل" نظرًا لأدواره الأساسية في دعم الحمل.
الوظائف المحورية لهرمون البروجسترون:
يؤدي ارتفاع تركيز البروجسترون في طور ما بعد الشبق عدة وظائف حيوية:
- نمو الجهاز الغدي لبطانة الرحم: يحفز البروجسترون نمو وتطور الغدد في بطانة الرحم (Endometrium)، ما يجعلها أكثر سمكًا وغنية بالأوعية الدموية.
- تكوين اللبن الرحمي (Uterine Milk): يعمل الهرمون على إفراز مواد غذائية تُعرف باللبن الرحمي، وهي ضرورية لتغذية البويضة المُخصبة في الأيام الأولى قبل تثبيتها الفعلي (التعشيش).
- تهدئة الرحم ودعم التعشيش: يُعد هذا الدور هو الأهم؛ فالبروجسترون يعمل على تثبيط التقلصات العضلية للرحم (Myometrium). هذا الهدوء ضروري لـ إتمام عملية التعشيش (Implantation)، حيث يسمح للبويضة المُخصبة بالالتصاق ببطانة الرحم دون طردها، وبالتالي يساعد على استمرار الحمل.
3. التغذية الراجعة السلبية على الغدة النخامية:
يؤثر الارتفاع المستمر في تركيز البروجسترون على المحور التناسلي عبر آلية التغذية الراجعة السلبية (Negative Feedback):
- تثبيط إفراز الهرمونات المنشطة للمناسل (Gonadotropins): يؤدي البروجسترون إلى منع الغدة النخامية الأمامية من إفراز الهرمونات المنشطة للمناسل، وهما الهرمون المنشط للحويصلات (FSH) وهرمون اللوتين (LH).
- منع تكوين حويصلات جديدة وظهور الشبق: نتيجة لتثبيط FSH، يُمنع تكون حويصلات جراف ناضجة جديدة، وبالتالي يُمنع ظهور طور الشبق مرة أخرى في هذه الفترة، ما يضمن عدم حدوث إباضة أخرى أثناء الاستعداد للحمل الحالي.
سلوك الأنثى والتغيرات المحلية:
1. السلوك التناسلي:
تتغير الحالة السلوكية للأنثى جذريًا مقارنةً بطور الشبق:
- اللامبالاة: تُبدي الأنثى علامات واضحة على اللامبالاة (Indifference) تجاه الذكر.
- ردود الفعل الجنسية السلبية: تعود ردود الفعل الجنسية السلبية (Sexual Refusal) نحو الذكر، حيث ترفض التزاوج ولا تسمح للذكر بالاقتراب.
2. التغيرات في الجهاز التناسلي:
تزول آثار الاحتقان والتورم التي كانت سائدة في مرحلة الشبق:
- زوال الاحتقان والوذمة: يزول تدريجيًا احتقان الطرق التناسلية وتوذمها (Congestion and Edema)، وتعود الأنسجة إلى حجمها وشكلها الطبيعي.
- تكوين السدادة المخاطية: تبدأ في عنق الرحم (Cervix) عملية تشكل السدادة المخاطية (Mucous Plug). تعمل هذه السدادة كـ حاجز فيزيائي لـ عزل الرحم عن البيئة الخارجية، ما يوفر حماية من العدوى إذا حدث الحمل.
3. مدة الطور وارتباطه بالحمل:
يُعتبر طول طور ما بعد الشبق حيويًا ويتناسب مع الفترة اللازمة لانتقال البويضة المُخصبة:
- توقيت الانتقال: يُقدر طول هذا الطور تقريبًا بـ الفترة الزمنية اللازمة لـ انتقال البويضة المخصبة من مكان الإخصاب (الأمبولا في قناة فالوب) إلى مكان التعشيش (قرن الرحم). هذا التوقيت الدقيق يضمن وصول الجنين المبكر إلى الرحم عندما تكون بطانته في أفضل حالة هرمونية (بسبب البروجسترون) لاستقباله وتثبيته.
- استعادة الشهية: تزول حالة فقدان الشهية التي قد تصاحب طور الشبق، وتعود شهيتها تدريجياً إلى طبيعتها.
