تعقيدات تشخيص داء الليشمانيا الحشوية (الكالازار): استكشاف طرق الحصول على العينات من نقي العظم والأعضاء الشبكية البطانية، وتطور الفحوصات السيرولوجية (ELISA و IFAT)

تحليل وتشخيص داء الليشمانيا الحشوية:

داء الليشمانيا (Leishmaniasis) هو مرض طفيلي معقد، ويتطلب تشخيص الليشمانيا الحشوية (Visceral Leishmaniasis - VL)، المعروفة أيضًا باسم "الكالازار"، إجراءات تشخيصية أكثر تعقيدًا وحساسية مقارنةً بالأنواع الأخرى من الليشمانيا، مثل الليشمانيا الجلدية. يعود هذا التعقيد إلى الموقع الذي يستهدفه الطفيلي داخل الجسم.


1. التحدي التشخيصي لليشمانيا الحشوية:

يكمن التحدي في أن طفيليات الليشمانيا الحشوية (في طورها الـ أماستيجوت - Amastigote) تستوطن وتتكاثر داخل خلايا الجهاز الشبكي البطاني (Reticuloendothelial System)، الذي يضم أعضاء حيوية عميقة وحساسة. الأماكن الرئيسية لتواجد الطفيلي هي:

  • نقي العظام (Bone Marrow).
  • الطحال (Spleen).
  • الكبد (Liver).
  • العقد اللمفاوية (Lymph Nodes).

نتيجة لذلك، لا يمكن تشخيص الحالة بسهولة من عينة سطحية.


2. الطرق التشخيصية المباشرة (عزل الطفيلي):

تُعتبر هذه الطرق هي المعيار الذهبي للتشخيص، حيث تعتمد على رؤية الطفيلي أو عزله مباشرة من الأنسجة المصابة:

أ. فحص الخزعات النسيجية (Biopsy) والمِسحات المباشرة:

يتم أخذ قطعة نسيجية (خزعة) أو مسحة من الأعضاء المصابة المذكورة أعلاه، خاصة نقي العظم (يُفضل سحب عينة من عظم الحرقفة)، أو الطحال (بحذر شديد).

  • الصبغ المباشر: تُصبغ العينة المأخوذة بصبغات خاصة (مثل صبغة الليشمانيا، أو صبغة جيمسا) لفحصها مجهريًا.
  • الملاحظة: يُلاحظ الطفيلي في طور الأماستيجوت (Amastigote)، وهي أجسام بيضاوية صغيرة عديمة الأسواط، موجودة داخل خلايا البلاعم (Macrophages) في أنسجة العضو المأخوذ منه العينة.

ب. العزل والزرع المخبري (Culture):

بدلاً من فحص النسيج مباشرة، يمكن استخدام العينة المأخوذة (خاصة عينة نقي العظم أو الطحال) لزراعة الطفيلي:

  • الزرع: تُزرع العينة في وسط زرعي شبه صلب خاص (مثل وسط NNN - Novy-MacNeal-Nicolle).
  • التحول والملاحظة: إذا كانت العينة إيجابية، ينمو الطفيلي ويتحول إلى طوره المُسوَّط البروماستيجوت (Promastigote) في الوسط الزرعي، ويتم ملاحظته مجهريًا للتأكد من التشخيص.

3. الطرق التشخيصية غير المباشرة (الفحوص السيرولوجية):

تهدف هذه الفحوص إلى الكشف عن استجابة الجهاز المناعي للمريض تجاه الطفيلي، أي البحث عن الأجسام المضادة (Antibodies) في مصل الدم:

أ. مبدأ الاختبارات المصلية (السيرولوجية):

تعتمد هذه الطرق على وجود الأجسام المضادة النوعية لطفيلي الليشمانيا في مصل دم الشخص المريض أو المشكوك في إصابته. من الأمثلة على هذه الاختبارات:

  • اختبار التراص المناعي غير المباشر (IFAT).
  • مقايسة الممتز المناعي المرتبط بالإنزيم (ELISA).
  • اختبارات التشخيص السريع (Rapid Diagnostic Tests - RDTs).

ب. التطور والحساسية:

أشارت البحوث، مثل دراسات (Dillon) ومجموعته عام 1995، إلى أن الفحوص المصلية تتطور باستمرار. ومع ذلك، واجهت هذه الاختبارات تاريخيًا تحديات في أن تكون حساسة ونوعية (متخصصة) بشكل مثالي، ويرجع ذلك إلى:

  • التنوع في المستضدات: الكميات الكبيرة والمتنوعة من المستضدات (Antigens) الموجودة على سطح الجسم الطفيلي يمكن أن تؤدي إلى تفاعلات متصالبة مع أمراض أخرى، مما يقلل من تخصصية الاختبار (النوعية).
  • التحديد الكمي والنوعي: يتم البحث عن أعلى مستويات وأدلة لوجود الأجسام المضادة في المصل، وتستمر الأبحاث الحديثة في تطوير اختبارات نوعية وكمية أكثر دقة.

4. الفروق التشخيصية في الليشمانيا الجلدية:

في المقابل، عند الإصابة بالليشمانيا الجلدية (Cutaneous Leishmaniasis)، تكون الإجراءات أبسط:

  • الأعراض السريرية: تكون الأعراض السريرية (الآفة الجلدية) واضحة ومحددة.
  • التشخيص: يكتفي الفاحص بأخذ عينة من السائل أو المسحة من حواف الآفة الجلدية وزرعها في الوسط الزرعي (NNN).
  • الملاحظة: يتم مشاهدة الطفيلي في طور البروماستيجوت (Promastigote) (الطور المُسوَّط الذي ينمو في الوسط الزرعي) لتأكيد التشخيص.


5. الطرق التصويرية للتشخيص المتقدم:

في حالات تطور المرض أو للتقييم العام لحالة المريض، يمكن استخدام طرق تصويرية للكشف عن المضاعفات المرتبطة بالليشمانيا الحشوية:

  • الأشعة السينية (X-ray).
  • الأمواج فوق الصوتية (Ultrasound) - الرنين الصوتي (Sonar): تُستخدم هذه التقنيات بشكل خاص للكشف عن علامات تضخم الكبد (Hepatomegaly) وتضخم الطحال (Splenomegaly)، وهي من المراحل المتقدمة والمميزة لداء الليشمانيا الحشوية.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال