تكوين النطف الأنثوية (البويضات).. اصطدام الحيوانات المنوية بعنق الرحم في نهاية المهبل وصعودها إلى الرحم ثم إلى قناة المبيض



تختلف المراحل التي تمر فيها عملية تكوين النطف الأنثوية (البويضات) عن تلك التي تحصل أثناء تكوين النطف الذكرية (الحيوانات المنوية).
فتكوين البويضات (النطف الأنثوية) يبدأ بمراحل مبكرة جداً أي عندما تكون الأنثى عبارة عن جنين في بطن أمها.
فمبيض الأنثى وهي في المراحل الجنينية تبدأ فيه النطف الأنثوية بالتكون إذ تنقسم الخلايا التناسلية الأولية بالانقسامات غير المباشرة للزيادة في العدد.
وتقنسم أمهات البيض هذه أيضاً بدورها عدة انقسامات للزيادة في العدد حتى تصل إلى ما يقارب 7 مليون خلية في المبيض عندما يبلغ عمر الأنثى خمسة أشهر (وهي جنين في رحم الأم).
ثم تكبر هذه الخلايا في الحجم وتتحول إلى خلايا بيضية ابتدائية تحتوي كل خلية منها (كما في الذكر) على العدد الزوجي من الأجسام الصبغية (46 كروموسوم).
وتدخل هذه الخلايا الإنقسام الإختزالي ولكنها تتوقف وتدخل مرحلة كمون ولاتكمله إلا عند مرحلة البلوغ.

ومعظم هذه الخلايا التي في المبيض تضمر قبل أن تولد هذه الأنثى ويصل عدد البويضات التي في مبيض الأنثى (وهي جنين عمرها سبعة أشهر من الحمل) إلى 2 مليون خلية، وتبقى الخلايا البويضية الإبتدائية التي في مبيض الأنثى كامنة أثناء مرحلة الطفولة.
ثم عند سن البلوغ ومع بداية إفراز الهرمونات التناسلية تستأنف هذه الخلايا عملية الإنقسام الإختزالي لكن ليست كلها دفعة واحدة وإنما على فترات.

وتحاط الخلايا الابتدائية في المبيض بخلايا حويصلية تعمل على حماية وتغذية الخلايا البيضية الإبتدائية في المبيض.
كما تقوم هذه الخلايا الحويصلية بتصنيع مستقبلات للهرمونات التناسلية (الهرمون المحفز لنمو الحويصلات FSH) والتي بدورها تعمل على نمو الخلايا الحويصلية فتكبر الحويصلات في المبيض.
وخلال كل دورة شهرية تخرج غالباً بويضة واحدة من الخلايا الحويصلية (حويصلة جراف) التي في المبيض.
وتكون قد أنهت النصف الأول من الإنقسام الإختزالي ثم تلتقفها قناة المبيض.

وإذا قدر ولاقت هذه البويضة نطفة ذكرية، أي حدث الإخصاب، فإنها تكمل النصف الثاني من االانقسام الإختزالي ويصبح بها نصف الأجسام الصبغية (23كروموسوم) والتي تكمل أثناء الإخصاب وتندمج مع الأجسام الصبغية التي في النطفة الذكرية التي أخصبتها، وبذلك يعود العدد الزوجي للأجسام الصبغية (46 كروموسوم أو 23 زوج) فإذا لم يقدر لهذه البويضة النازلة أن تخصب فإنها تضمر وتموت خلال 48 ساعة دون أن تكمل النصف الثاني من الانقسام الاختزالي.

وقبل أن نختم حديثنا عن تكوين الأمشاج لنا وقفة مع هذه الآية الكريمة من سورة آل عمران (آية 27) حيث يقول الله تعالى: (تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي وترزق من تشاء بغير حساب) يقول ابن كثير في تفسير هذه الآية: قوله تعالى (تخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي) أي تخرج الزرع من الحب، والحب من الزرع والنخلة من النواة والنواة من النخلة والمؤمن من الكافر والكافر من المؤمن، والدجاجة من البيضة والبيضة من الدجاجة، وما جرى هذا المجرى من جميع الأشياء.

أما ما جاء في زبدة التفسير من فتح القدير في تفسير قول الله تعالى (تخرج الحي ...) أي يخرج الرجل من النطفة وهي ميتة، ثم يخرج من الرجل النطفة وهي ميتة، ثم يخرج منها الرجل الحي وهكذا، ويخرج البيضة من الدجاجة ومن البيضة الدجاجة , وكذا النخلة من النواة، ثم النواة من النخلة.
وقيل معناها يخرج المؤمن من الكافر والكافر من المؤمن.

ومن خلال فهمنا لما تحدثنا عنه في تكوين الأمشاج سواء الذكرية أم الأنثوية فإن الحيوانات المنوية بعد أن تغادر الجهاز التناسلي للرجل فإنها لا تعيش سوى ساعات معدودات (72) ثم تموت كذلك البويضة عندما تخرج من المبيض فإنها تضمر خلال ساعات معدودات (48 ساعة)، فمن الواضح أن مصير كليهما الموت إلا أنا يقدر لهما أن يلتقيا ويحدث بينهما الإخصاب، فيتكون منهما الجنين الذي هو الكائن الحي، فإذا قدر لهذا الجنين أن يعيش ويصل إلى سن البلوغ و فإنه سوف يخرج هذه الأمشاج، والتي غالباً مصيرها الموت إلا ما يتكون منه الذرية فقط بينما البقية فمصيرها الموت.
فسبحان مخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي والله تعالى أعلم وأجل.

يأخذ وصول الحيوانات المنوية من فتحة المهبل حتى تجويف الرحم ثم إلى قناة المبيض حوالي ثلاث ساعات إلى سبعة ساعات تقريباً. وتحدث عملية تلقيح الحيوان المنوي للبويضة في قناة المبيض وتأخذ الفترة من نهاية الأتصال الجنسي حتى حدوث التلقيح حوالي ثماني ساعات. وتفقد الحيوانات المنوية حركتها بعد حوالي 24-36 ساعة كما تفقد قدرتها على الإخصاب بعد مرور 48 ساعة تقريباً.

بعد عملية القذف من الرجل بالحيوانات المنوية داخل مهبل المرأة تصطدم الحيوانات المنوية بعنق الرحم في نهاية المهبل وتصعد الحيوانات المنوية من هناك إلى الرحم ثم إلى قناة المبيض.

ولا شك أن الإنقباضات التي تحدث في الجدار العضلي للرحم قد يساعد الحيوانات المنوية لأعلى ولكن لا يعتبر ذلك شرطاً حيث يمكن للمرأة أن تحمل دون أن تصل ذروتها وبدون مشاركة فعلية في العملية الجنسية ولكن مشاركة المرأة وإنقباضات الرحم عندها وخاصة بتأثير هرومون البروستاجلاندين الموجودة مع الحيوانات المنوية الذي يساعدها بالانتقال إلى الرحم ثم إلى قناة المبيض.