الكالسيوم ليس طعام الرضع فقط: دليل متكامل لمصادر الكالسيوم الغذائية (الحليب، الجبن، الخضراوات) والاحتياجات المتزايدة في المراهقة والحمل والشيخوخة

الكالسيوم: المصادر، الأهمية الحيوية، والاحتياجات المتزايدة

يُعد الكالسيوم المعدن الأكثر وفرة في جسم الإنسان، وهو أساسي ليس فقط لصحة العظام والأسنان، بل أيضًا لوظائف الجسم الحيوية مثل نقل الإشارات العصبية وانقباض العضلات وتجلط الدم. إن الاعتقاد الشائع بأن الحليب هو غذاء خاص بالرضع والمرضى فقط هو اعتقاد خاطئ يجب تصحيحه لضمان الوقاية من أمراض نقص الكالسيوم.


أولاً: مصادر الكالسيوم الغذائية وتوافرها

يتوفر الكالسيوم في مجموعة واسعة من الأطعمة، ويجب الانتباه إلى عوامل الامتصاص عند اختيار هذه المصادر:

1. منتجات الألبان (المصادر التقليدية):

يُعرف الحليب والجبن ومنتجات الألبان المختلفة بأنها المصادر الأكثر شيوعًا وتركيزًا للكالسيوم، بالإضافة إلى أن الكالسيوم الموجود فيها يتميز بـ معدل امتصاص حيوي عالٍ نسبيًا.

2. الخضراوات الورقية (المصادر النباتية):

تعتبر الخضراوات الطازجة وخصوصًا الورقية منها، مصدرًا ممتازًا للكالسيوم. ومن أمثلتها: الكرنب، والبروكلي، واللفت، والبقدونس.

  • تنبيه بخصوص السبانخ: على الرغم من أن السبانخ غنية بالكالسيوم، إلا أنها تحتوي على نسب عالية من الأوكسالات (Oxalates). تُعتبر الأوكسالات مركبات تقلل من الاستفادة الحيوية، حيث ترتبط بالكالسيوم في الأمعاء وتمنع امتصاصه بكفاءة في الجسم. لذا، لا يُنصح بالاعتماد على السبانخ كمصدر رئيسي للكالسيوم.

3. مصادر أخرى:

  • الأسماك: توجد كميات جيدة من الكالسيوم في الأسماك الصغيرة، سواء كانت طازجة أو معلبة، مثل السردين وسمك السالمون (عند تناول العظام الطرية).
  • مصادر متنوعة: يُمكن الحصول على الكالسيوم أيضًا من بعض الحبوب المدعمة ومنتجات الصويا المدعمة (مثل حليب الصويا)، والعسل (كمصدر ثانوي).

ثانياً: الحالات التي تتطلب زيادة في استهلاك الكالسيوم

تزداد حاجة الجسم اليومية للكالسيوم بشكل ملحوظ في مراحل النمو والتغيرات الفسيولوجية التي تتطلب بناء أنسجة جديدة أو تعويض الكالسيوم المفقود:

1. أثناء فترات النمو والمراهقة:

  • سبب الزيادة: تحتاج العظام إلى كميات هائلة من الكالسيوم خلال سنوات النمو السريع وفترة المراهقة (عادةً ما بين 9-18 عامًا).
  • التفصيل: يُعد هذا الوقت حاسمًا للوصول إلى ذروة الكتلة العظمية (Peak Bone Mass)، وهي أعلى كثافة عظمية يمكن للشخص تحقيقها في حياته. وهذا المخزون العظمي بمثابة رصيد وقائي ضد هشاشة العظام لاحقًا في الحياة.

2. أثناء فترة الحمل:

  • سبب الزيادة: تحتاج الأم الحامل إلى كمية إضافية من الكالسيوم لتلبية متطلبات الجنين النامي، الذي يستخدم الكالسيوم لتكوين عظامه وأسنانه وأجهزته العصبية.
  • التفصيل: إذا لم تحصل الأم على الكالسيوم الكافي من نظامها الغذائي، فإن جسمها سيسحب الكالسيوم الضروري من مخزون عظامها لتزويد الجنين، مما يعرضها لخطر نقص الكالسيوم وهشاشة العظام لاحقًا.

3. أثناء فترة الرضاعة الطبيعية:

  • سبب الزيادة: تُقدم الأم المرضع لطفلها كميات كبيرة من الكالسيوم عبر حليبها الطبيعي (حيث يحتوي حليب الأم على الكالسيوم اللازم لنمو عظام الرضيع).
  • التفصيل: يتطلب هذا التعويض كمية أكبر من الكالسيوم في غذاء الأم لتعويض الفاقد وضمان عدم استنزاف مخزونها العظمي الخاص.

ثالثاً: ضرورة استمرار تناول الكالسيوم لجميع الأعمار

إن الاعتقاد الخاطئ بأن الحليب ومصادر الكالسيوم الأخرى ضرورية للرضع والمرضى فقط هو خطأ شائع يؤدي إلى عواقب وخيمة:

  • النتائج السلبية للاعتقاد الخاطئ: الإهمال في تناول الكالسيوم خارج فترات النمو والشيخوخة يؤدي إلى أمراض سوء التغذية، وعلى رأسها أمراض نقص الكالسيوم، والتي تشمل لين العظام وهشاشة العظام (Osteoporosis) التي تتميز بضعف وهشاشة العظام وزيادة خطر الكسور.
  • أهمية الكالسيوم للبالغين وكبار السن:
  1. البالغون: يحتاجونه للحفاظ على الكتلة العظمية الحالية وتعويض الفاقد اليومي الطبيعي، ولضمان وظائف العضلات والأعصاب.
  2. كبار السن: تزداد أهميته بشكل خاص لـ كبار السن، وخاصة النساء بعد انقطاع الطمث، حيث تبدأ كثافة العظام في التناقص بشكل طبيعي مع التقدم في العمر، مما يجعلهم عرضة بشكل خاص لهشاشة العظام.

الخلاصة:

الحليب ومصادر الكالسيوم الأخرى ضرورية لجميع الفئات العمرية. يجب على الجميع، وخصوصًا كبار السن، الحرص على تناول حصتهم اليومية الموصى بها من الكالسيوم لضمان صحة هيكلية ووظيفية سليمة.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال